6/18/2011

قراءة لأحداث ما بعد الثورة

ماذا حدث لمصر بعد الثورة ؟ ... ماذا فعل المصريون بعد الثورة؟ ... هل هذا كان المأمول منهم بعد قياهم باروع الثورات فى تاريخ البشرية؟ ... هل نحن هكذا دائما ، نبدأ ببداية قوية ثم سرعان ما يعترينا الوهن والكسل ؟ ... هل نحن بالفعل نعيش ثورة أم مجرد زوبعة فنجان؟ ... هل كانت الثورة فقط لجل تغيير الرئيس أم لتغير سلوكيات أفراد أيضا؟ ... هل سنستطيع بناء دولة ديمقراطية متقدمة أقتصاديا وعلميا؟ أم ....
كل هذه الأسئلة دارت فى ذهنى وأنا اتابع الأحداث والظروف التى تمر بها مصر، فظللت أتابع ما يحدث فى مصر وأرصد ما بها من ظواهر وأربط الأمور ببعضها حتى استطيع ان أفسر ماذا يحدث فى مصر.



أولا: ما هو مفهوم الثورة
 أريد أن أؤكد على أن الثورة ليست مجرد  ثورة لتغير الرئيس أو لمكافحة الفساد فقط، وانما لابد ان تشمل الثورة ثورة موازية داخل النفوس والعقول والسلوكيات، ولابد ان يؤمن كل فرد فى المجتمع سواء اكان صغيرا او كبيرا، رئيسا أو مرؤس، موظف كبير أو صغير، غفير او وزير، ان الثورة لن تتم الا اذا كان هو قد تغير من داخله وأن يؤمن بأن تنمية البلد ستعود عليه بالنفع عليه وعلى أولاده من بعده،، وأن الله لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم _ الواو هنا فى كلمة يغيروا هى واو الجماعة أى ليس فرد أو مجموعة أفراد من المجتمع، بل كل المجتمع_ اذا كان لابد ان يتبع الثورة ثورة موازية داخلنا نحن كمجتمع فى سلوكياتنا  وتفكيرنا.


ثانيا: المظاهرات الفئوية
قام كل من كان له حق ومن ليس له حق فى هذا المجتمع بالقيام  بمظاهرات فئوية، فتجد الأطباء فى المظاهرات يهددون !!! بماذا يهددون ؟ كانوا يهددون بعمل اضراب عن العمل حتى يتم تنفيذ مطالبهم، وللحق ليس كل الأطباء قاموا بهذه المظاهرة، ومن قام بها  لابد ان يُحاسب، وتجد موظفو البترول منهم من يريد ان يتم تثبيته ومنهم من يريد ان يزود راتبه، فالأمر أصبح فوضى  والكل يريد ان ياخذ من التورتة حتى لوكان ليس له حق.
ولكن هل هذا هو الوقت المناسب للقيام بمظاهرات فئوية فى ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التى تعيشها مصر، هل الكل يريد مصلحته بغض النظر عن مصلحة البلد، هل هم يشعرون فى داخلهم أن أوضعاهم لن تتغير مسقبلا، فبداوا يتسارعو للحصول على أكبر مكسب حاليا فى ظل الحالة الثورية التى يعيشها المجتمع؟ .. كنت اتوقع من المصريين عكس ذلك كله، كانوا لابد أن يفعلوا كما  فعل اليابانيون بعد الحرب العالمية الثانية، عمل المجتمع كله على بناء دولة قوية كانت بعد الحرب مدمرة تدمير كامل، ولكن حدث العكس كلٌ يغنىعلى ليلاه.


ثالثا:ملف الشرطة وفسادها
أما ملف الشرطة الذى أثار كثير من الجدل بعد الثورة بين من يريد فتح صفحة بيضاء مع الشرطة وبين من يريد محاسباة هؤلاء وانه لابد الاستعانة بالخريجين الجدد من كلية الشرطة وتسريح كل من كان يعمل فى هذا الجهاز الذى كان يعمل دائما لصالح النظام السباق، ووجهة نظرى انه من كان فاسدا طوال ال30 سنة الماضية استحالة ان يكون شريفا اليوم، ومن اعتاد أن ينتهك كرامة المواطن المصرى كل هذه السنوات يستحيل ان يذهب لعمله وهو يحترم المواطن المصرى، وخير دليل على أن الشرطة لم يتم تطهيرها بعد هو الفيديو الذى نشر مؤخرا عن تقديم أمين الشرطة الشاى لأحمد عز الذى يجلس مستريح ولا يعبء باى شئ. والظابط وأمين الشرطة الذى اعتاد أن يتلقى الرشاوى ويأخذ اموال هذا وذاك يستحيل ان يتحول الى امين شرطة او ظابط شريف، لذلك طالبوا برفع رواتبهم لأنهم لن يستطيعوا من الآن أن ياكلوا أموال الناس بالباطل، وصحيح أن هناك ضباط شرفاء ولكنهم قليلين جدا ويستحيل أن نميز بين الشريف ووغير الشريف، وربما الداخلية تعرف من هو الظابط الأمين ومن غير ذلك، وما قام به منصور العيسوى وزير الداخلية ماهو الا نقل ضابط فاسد من قسم الى قسم آخر ولم أسمع عن تحقيقات مع من أساء للداخلية ولمن كان يعمل لصالح النظام السابق
والدليل الآخر على ان الشرطة لم يتم تطهيرها بعد هو أنهم يربطون عودتهم الكاملة  بشروط، وحتى من عاد منهم لعمله خوفا  من فصله لا يفعل شئ ، فتجد من يتدخل هم أبناء الجيش فقط وتجد الشرطة تقف موقف المتفرج  على ما يحدث.
ما نأمله أن الدفعة الجديدة من كلية الشرطة تحل محل هؤلاء الفاسدين ويتم تطهير الشرطة من الفساد الذى تعشب فيه حتى بلغ السخط منها الحلقوم.


رابعا: الأحزاب والقوى السياسية وصراع التورتة
مع احترامى الكامل لكل الأحزاب والقوى السياسية بما فيهم ائتلاف شباب الثورة والأخوان المسلمين فليسوا هم من قاموا بالثورة، وتخيلوا لو ان الشعب لم يشارك فى هذه الثورة هل كانت ستنجح؟ بالطبع لا، ولا احد ينكر ذلك ولكن ما أريد تأكيده هو أن الشعب هو من قام بالثورة وليس ائتلاف لا اعرف كيف تكون، ولا حتى الأخوان المسلمين.
لا اعرف لماذا كل هذا الصراع بين اقوى السياسية المختلفة، الأمر الذى وصل لحد التراشق بالألفاظ والضرب بالأيدى. لا اعرف كيف يكون هؤلاء هم صفوة المجتمع كما يدعون على أنفسهم. كيف تنادون بالديمقراطية وأنتم لا تعرفون كيف تمارسونها فيما بينكم. وحينما ناديتم بالوفاق الوطنى اختلفتم وأصبح هناك مؤتمرين للوفاق الوطنى ،كيف هذا؟؟
مؤتمر المثقفين ..!! من هم هؤلاء المثقفين؟ ومن أطلق عليهم لفظة المثقفين ؟. كل القوى السياسية عينت نفسها وصية على الشعب من ائتلاف يقول انه يتحدث باسم الثورة والمصريين مع ان المصريين لم يعينوا احد واصى عليهم -على حد علمى- وأخوان مسلمين لا يعرفون كيف يمارسوا الديمقراطية فيما بينهم فحدث نزاع بين قيادات الأخوان وشباب الأخوان ، وأحزاب نشات بعد الثورة لا اعرف ما هو برنامجها ، وأحزاب قديمة كحزب الوفد وحزب التجمع، تلك الأحزاب التى ترتضى لنفسها بأى قطعة خبز يرميها لها الحزب الوطنى ولم يكن لها أى دور فى الشارع المصرى ولا حتى اى دور فى المعارضة، وانما ترتضى بمقعد او مقعدين فى البرلمان مقابل ان تصمت.
وحينما سقط النظم والحزب الكل بدأ يتصارع فى الحصول على أكبر قطعة فى التورتة التى يتم تقسيمها وكان الشعب ليس له دور وبدأوا فى توزيع مقاعد البرلمان وما على الشعب سوى اقرار ما يقولونه ويتفقون حوله والشعب يقول آمين، ولن يتفقوا مدام الكل يبحث عن مصلحته فقط لأن الكل لن يرتضى لنفسه بأقل من غيره وسيظلوا هكذا حتى يقول الشعب كلمته فى الانتخابات وسيأتى الشعب فى البرلمان القادم بما يراه الشعب وليس بما يراه هؤلاء المتصارعين على التورتة.


خامسا: صمت الشعب ازاء الصراعات السياسية
أحيانا أشعر بان الشعب المصرى فى منتهى الذكاء، فصمته ازاء ما يحدث من صراعات ليس دليلا على انه ضعيف أو مسير فى أفعاله، بل انه يصبر على كل هذه التراهات حتى ياتى موعد الانتخابات وحينها تجده يقول كلمته الفاصلة،وفى وجهة نظرى هولاء الذين يطلق عليهم القوى والاحزاب السياسية لا يستحقون أن يكونوا نواب الشعب المصرى فى البرلمان، كيف يكونوا نواب وهم يتصارعون كالديكة وليس بينهم تفاهم ولا تشاور،والكل مختلف مع الآخر،ولكن ما باليد حيلة ليس لنا سواهم وسيحاول الشعب ان ينتقى الصالح منهم  وكان الله فى عون الشعب لأنهم سيبحثون عن ابرة فى كومة قش.
وخير دليل على ذكاء الشعب هو انه لم يرضخ لأئتلاف شباب الثورة فى الاستفتاء الذى أعلن انه يرفض التعديلات، وقد وافق الشعب على التعديلات، وهناك من يقول أن هذا هو تأثير الأخوان، كيف هذا وانا لم اختار بتاثير من تلك الجماعة وهناك الملايين مثلى أختاروا الموافقة على التعديلات لأن هذه رغبتهم. وهناك من يحاول ان يلتف على ارادة الشعب وهم ائتلاف شباب الثورة والقوى الاخرى ماعدا الأخوان، وتحاول تلك القوى تغير ارادة الشعب أو القيام بإجراء استفتاء آخر. ولو حدث استفتاء آخر على أى شئ لن يتأثر الشعب باى قوى سياسية مهما كانت، اخوان أو ائتلاف أو تجمع او وفد. وانا أثق تمام التقة فى الشعب وفطنته.


سادسا: إقامة الانتخابات فى موعدها أم تأجيلها؟
أنا لا اعرف سببا مقنعا للخلاف حول موعد الانتخابات ، والسبب الوحيد المعلن هو أن الأخوان هم من سيحصدون المقاعد بإعتبارهم القوى الأكثر تنظيما. وهذا ليس سببا مقنعا لتأجيل الانتخابات لأن:
- ليس لأن الخوان أكثر تنظيما يكون هذا عيبا فى حقهم، بل عيب فى الآخرين فمثلا حزب مثل الوفد وهو حزب قديم ليس فيه قادة قادرة على تنظيم الحزب وكذلك حزب التجمع والغد وهى احزاب المفترض انها تمتكلك القدرة على التنظيم وخوض الانتخابات
- أما الاحزاب الشبابية او التى تم اعلانها بعد الثورة فاقول لهم مثال بسيط وهو حزب كاديما الاسرائيلى نشأ قبل الانتخابات بثلاثة أشهر فقط، حيث نشأ فى 16/1/2006 وخاص الانتخابات فى 28/3/2006  واستطاع هذا الحزب الحديث العهد ان يفوز فى الانتخابات. لذلك فالتمسك بتلك الحجة وهو ان الاحزاب مازالت حديثة العهد حجة واهية.
- وأقترح على هذه الأحزاب أن تقوم بالاتحاد فيما بينها ويعملون معا فى الانتخابات ويصبح هناك تحالف كما نرى بين الاحزاب فى أوربا ويدخلون الانتخابات فى صراع سياسى شريف مع بفية الاحزاب.


سابعا:هل الدستور قبل الانتخابات أم بعدها؟
استمرارا لخوف كل القوى السياسية والاحزاب من الأخوان المسلمين ، فهم يريدون الدستور قبل الانتخابات والاخوان يريدون الانتخابات أولا. والسبب واضح هو ان القوى السياسية تفترض فى عقلها ان الأخوان المسلمين هم من سيحصدون كل مقاعد البرلمان أو أغلبيتها وبالتالى هم سيضعون الدستور حسب هواهم. ويعتبر هذا اعترافا منهم بالهزيمة مقدما وانهم لن يستطيعوا أن يقفوا امام قوة وتنظيم الأخوان وهذا خطأ سياسى فادح.
وعلى افتراض صحة وجهة نظرهم - التى أرى انها خاطئة- أقول لهم ان مجلس الشعب قبل ان يقر الدستور لابد ان يعرضه على الشعب للإستقتاء، اى لابد من موافقة الشعب عليه اولا.


ثامنا: الفتنة الطائفية
من يكنر أن فى مصر فتنة طائفية فهو لا يعرف شئ، صحيح أن الفتنة يكون أساس اشعالها أشخاص يريدون الوقيعة بين قطبى الأمة، ولكن مشاعر الاحتقان بين الطرفين هى التى تجعل من تلك الوقيعة نار لا تهدأ، نار تحاول ان تقضى على كل شئ. ولو لم يكن هناك مشاعر احتقان لما فلحت محاولات العابثين بهذا الوطن. اذا لابد اولا ان نعترف بذلك الاحتقان حتى نؤمن بوجود المشكلة ومن ثَم حلها. ومن يحاول ان يختزل المشكلة فى مشكلة امراة أسلمت قتلك قراءة خاطئة، فالمشكلة هو الاحتقان بين الطرفين: طرف يرى أن أنهم أقلية مظلومة فى هذا الوطن لذلك يسلكون كل الطرق للحصول على حقوقهم، والطرف الآخر يرفض ذلك ويرى انهم يطلبون أشياء فوق حقوقهم، وهناك آخرون متشددون فى الطرفين ينفخون فى النار التى ستلتهم الكل وهم يفعلون ذلك بكل جهل، بل بإيمان كامل بهذا الجهل فى التفكير. وموضوع كاميليا أو عبير فلا اسلامهما سيزيد الاسلام فى شئ ولا يُنقص من المسيحية فى شئ. وخير فعل النائب العام حينما قام بحبس عبير على ذمة التحقيق لأنها قامت بإثارة الفتنة بين الطرفين. اذا لابد أن تقوم الأطراف المعتدلة فى الطرفين بدور فعال وأن يقوموا بمحاربة التطرف والتشدد، بل ويتخذوا اجراءات ضدهم ويحاربوا أفكارهم ويفندوها لا يتركوهم يعبثون بعقول الناس.
أما الامر الأخر الذى يزيد من مشاعر الاحتقان وهو قانون بناء دور العبادة. لا اعرف هل وضع قانون عادل أمر صعب أم ماذا؟
والقانون الذى أصدر قانون مبهم لابد من أن يكون له ملحق حتى لا يتم تفسير كل كلمة خطأ.
وخلاصة الأمر هو أن القانون لابد ان يتيح للمسلمين والمسيحين حرية بناء دور العبادة دون وضع قيود على أى من الطرفين. فلا بناء كنيسة سينقص من عدد المساجد ولا بناء مسجد سينقص من عدد الكنائس. فلا أعرف لماذا كل هذه الشوشرة على شئ بسيط. اذا لابد ان تعى السلطة ان المسحين لهم حقوق تماما مثل المسلمين وليس هناك فارق بينهم فكلهم مصريين ولا أنسى أبدا أثناء الثورة حينما قام المسحيين بجلب الماء لأخواتهم المسلمين لكى يصلوا. فياله من مشهد رائع تقشعر له الأبدان. اين هذا المشهد الآن؟ وأين تلك الوحدة ؟ ولماذا توارت وحل محلها الخلافات والنزاع والفتن؟ لماذا تصعد على السطح فقط وقت الشدائد، ثم تختفى؟


وللقراءة بقية مادام فى العمر بقية





القلم الجرئ..قلم المبدعين والقراء

0 التعليقات:

Best Blogger TipsComment here